الرئيسية / تأريخ وتراث / كتاب الحلم الفرعوني

كتاب الحلم الفرعوني

هل تصدق أن الأحلام يمكنها أن تتنبأ بالمستقبل ؟ إن كنت تصدق، فإنك لست الوحيد الذي يفعل. نبوءات الأحلام أو تفسير الأحلام كما يطلق عليها كان لها أثر كبير في العالم القديم. على سبيل المثال، في كتاب سفر التكوين، استطاع يوسف بن يعقوب التنبؤ بالمستقبل استناداً على الأحلام، فقد استطاع تفسير حلم الفرعون الذي تنبأ بمجاعة السبع سنوات، الأمر الذي ساعد مصر على تجنب المجاعة، كما ساهم في ترقية شأن يوسف في المناصب المصرية العليا. لا يعتبر الكتاب المقدس هو المصدر الأدبي الوحيد الذي سجل تفسيرات الأحلام، بل امتلك المصريون القدماء   “كتاب الحلم ” الذي فسر معاني الكثير من الأنماط المختلفة من الأحلام.

كتاب الحلم محفوظ على ورق بردي باللغة الهيروغليفية، حيث وجد بواسطة العمال المصريين قديماً في دير المدينة – بجانب وادي الملوك – يعود تاريخ هذا الكتاب إلى عهد الملك رمسيس الثاني (1279 – 1213 ق.م ).

نجد أن كل ورقة من الكتاب تبدأ بعمود رأسي من الإشارات الهيروغليفية والتي تفيد ترجمتها أن رجلاً ما رأي نفسه يحلم، وفي كل سطر أفقي -يقابل هذا العمود الرأسي- يتم وصف الحلم وبجانبه التشخيص سواء كان الحلم سيئاً أم جيداً، بالإضافة إلى تفسير الحلم. وهكذا، على سبيل المثال ” إن رأى أحدهم نفسه يطل من نافذة، هذا حلم جيد، معناه أن الله استجاب دعاءه”. في هذا الكتاب نجد الأحلام الجيدة أولاً، تتبعها الأحلام السيئة والتي كتبت باللون الأحمر (هذا لأن الأحمر رمز للنذير السئ).

نجد في الكتاب حوالي 108 حلم – يصف حوالي 78 نشاط وشعور- إن هذه النشاطات كلها يفعلها الشخص العادي. معظم هذه النشاطات تعبر عن البصيرة والبصر، الأكل والشرب، الترحيب بالناس، والمضاجعة.

كان الكتاب ” كتاب الحلم ” ملكاً لعدة أشخاص بالتأكيد قبل أن يستقر في دير المدينة، على الرغم من أن مالكه الأصلي مجهول إلا إنه يمكن تقفي اثر الأشخاص الذين امتلكوا الكتاب عبر الزمن، عن طريق أسمائهم المدونة على الكتاب. على سبيل المثال، نعلم أن الكتاب كان ملكاً للكاتب الفرعوني كينيخرشيف- Qeniherkhepshef – في فترة ما عندما حيث نقش علي الكتاب قصيدة دارت حول معركة قادش التي حدثت في عهد الملك رمسيس الثاني، وبعد ممات الكاتب أصبح الكتاب في حيازة زوجته، لذا نجد على الكتاب اسم الزوج الثاني لزوجة الكاتب، الذي يدعى خايامامين – Khaemamen –، وابنه أميخانت – Amennakht – نستنتج من ذلك أن الكتاب كان ملكاً لهم في فترة ما.

هناك شئ آخر مثير للاهتمام في هذا الكتاب، هو أنه مجرد جزء من أرشيف كبير كان يحتوي على برديات أدبية أخرى متنوعة، عن السحر، وأعمال وثائقية أخرى. كما يتضح فإن كتاب الحلم هو ميراث يسلمه جيل لآخر عبر الأزمان، الأمر المثير للاهتمام والتساؤل هو هل كان المصريون القدماء يعتبرون هذا الكتاب على محمل الجد، أم مجرد كتاب شعبي اشتهر فقط ؟

في النهاية، لو أن علماء الآثار في المستقبل قاموا بإكتشاف قصاصات من صحيفة ما، مدون فيها فقرة ” حظك اليوم ” – بدون معرفة أحوال عصرنا – فإنهم لن يكونوا متأكدين أيضاً سواء إن كانت هذه ” التنبؤات ” أُخذت على محمل الجد أم لا. يمكننا القول بوضوح أن مدى جدية القارئ في النظر إلى التنبؤات هو أمر لا يمكن الإغفال عنه بل يجب التدقيق فيه أيضاً.

على الرغم من كل هذه التساؤلات، يظل كتاب الحلم الفرعوني هو أحد القطع الأدبية الفرعونية الجذابة التي تسدل الستار عن إحدى معتقدات المصريين القدماء ( سواء كانت جادة أم لا ) علاوة على ذلك فإنها توضح لنا مدى تقدير المصريين لقيمة المعرفة وأكبر دليل على ذلك توارث هذا الكتاب من جيل لآخر دون أن يصيبه أي تلف.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

كيف بدأ تقليد أشجار عيد الميلاد؟

كتبه لموقع انسايكلوبيديا بريتانيكا: آمي تيكانين نشر بتاريخ: 14/ 12/ 2018 ترجمة: سارة الأعرجي تدقيق: …

هل النبي محمد شخصية حقيقية؟ خلاف بين الباحثين في الدين الإسلامي

كتبه لموقع شبيغل أونلاين: ياسين موشربش نشر بتاريخ: 18/ 9/ 2018 ترجمة: إبراهيم العيسى تدقيق: …