الرئيسية / برمجة وذكاء إصطناعي / الذكاء الإصطناعي يضع الموجات فوق الصوتية في هاتفك

الذكاء الإصطناعي يضع الموجات فوق الصوتية في هاتفك

ترجمة: سيف بشار
تدقيق : محمد عدنان
تصميم الصورة : حسام زيدان

إذا كان لجوناثان روثبيرغ قوة خارقة، فهي وضع الآلات كبيرة الحجم ذات المليون دولار، على ألواح إلكترونية شبه موصلة مفردة. المهندس والمستثمر الذي أصبح مشهوراً (وغنياً) بإختراعه مسلسِل الحمض النووي DNA الأول من نوعه في العالم على رقاقة. أمضى آخر ثمان سنوات بتعميق خبرته (ورأس ماله للمشروع الجديد القابل للنمو) نحو مغامرة جديدة: وهي جعل شاشة جهازك الذكي نافذة إلى جسم الإنسان.
في الشهر الماضي، أزاح مشروع روثبيرغ والذي يُدعى شبكة الفراشة الستار عن iQ، وهي أداة فوق صوتية رخيصة، محمولة باليد توصل بمخرج الآيفون. لا تحتاج أن تكون خبيراً تقنياً لتتمكن من إستخدامها – هي خوارزميات تعلم الماكنة تُرشد المستخدم ليجد ما قد يبحث عنه. بموافقة إدارة الأغذية والعقاقير FDA لـ 13 من التطبيقات السريرية، من ضمنها فحوصات الولادة والفحوصات العضلية الهيكلية وفحص القلب، يقول روثبيرغ إن الجهاز الجديد يستعد لتعطيل صناعة التصوير الطبي، بنفس طريقة مسلسِل الـ DNA لشركة آيون تورنت بالضد من عملاق علم الجينوم من شركة إلومينا.
فكيف لرجل يُبحر حول ساحل كونيتيكت على يخت بقيمة 40 مليون دولار بإسم Gene Machine – آلة الجين – أن يقوم بتصغير أجهزة الموجات فوق الصوتية لحجم طابعٍ بريدي؟ لقد بدأ الأمر بالبحث عن بدايات الكون.
في صيف عام 2010، ذهب روثبيرغ ليستمع إلى فيزيائي إسمه ماكس تيغمارك في معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا يتحدث عن طريقة جديدة ومثيرة لتصوير الكون. عن طريق ربط عشرات الآلاف من التلسكوبات (ليس حرفياً بل بالخوارزميات) ليقيس الطاقة القادمة من النجوم البعيدة. ولكن جعل مجموعة من الهوائيات تتحدث مع مجموعة من الحاسبات تبين أنه عمل يمثل مشكلة عنق زجاجة حاسوبية ضخمة. فقام تيغمارك مع طالب خريج إسمه نيفادا سانشيز بطرح طريقة لتقسيم العمل بصورة كفوءة. وأسموها شبكة الفراشة.
حينما جلس روثبيرغ مع الحضور، أدرك بأنه يستطيع أن يستخدم خوارزمياتهم لحل مشاكل مختلفة تماماً: ربط آلاف السماعات فوق الصوتية على رقاقة سيليكون لتكوين صور واضحة وثلاثية الأبعاد للأجزاء الداخلية لجسم الإنسان. إنه شيء أراد القيام به منذ زيارات الجلسات غير المعدودة لإبنته الكبرى الى الطبيب، لمرض يدعى التصلب الدرني الذي يسبب أكياس خطيرة تنمو داخل كليتيها.
في نهاية المحاضرة، قدم روثبيرغ نفسه إلى تيغمارك، موضحاً له إختصاصه، وطلب منه الإذن بأن يسرق طالبه المفضل. بعد عام، قام روثبيرغ بإنشاء شبكة الفراشة مع سانشيز، مع التخطيط لإعادة إختراع أشهر فحوصات التصوير الطبية.

على الرغم من سمعة قلة جودة الموجات فوق الصوتية -الصور الحُبيبيّة لم تصل إلى وضوح التصوير بالرنين المغناطيسي أو التصوير المقطعي- فإن التقنية معقدة بشكل مدهش. إنها تعمل بنفس المبدأ الذي يستعمله الخفاش لصيد الفريسة بدون الإصطدام بالأشياء- بإرسال صوت، وإستقبال الصدى، وحساب المسافة. إستخدمت جميع أجهزة الموجات فوق الصوتية في الأربعين سنة الأخيرة بلورات مضغوطة ومشحونة أو السيراميك لفعل هذا الشيء. حينما يُسلط التيار الكهربائي على البلورات، تُغيّر شكلها بسرعة، مما يجعلها تقوم بإرسال إهتزازات. وحين ترتد تلك الأمواج الصوتية، تشع البلورات تياراتٍ كهربائية. ولكن كل واحدة منها يجب أن تكون متصلة بصورة مستقلة، ومن ثم توصل بكابلات لجهازٍ منفصل لغرض المعالجة. بالإضافة إلى أن البلورات يجب أن يتم ضبطها لتقوم بتوليد النوع الصحيح من الأمواج فوق الصوتية للتصوير بعمقٍ محدد. هناك فحص خاص للقلب، وآخر للمعدة، وآخر للرحم. النظام النموذجي بعِصيّ متعددة وشاشة عرض يكلّف ما يزيد عن 100.000 دولار.

التغلب على هذه المحددات قد تم بإجراءٍ من خطوتين. أولاً، قام مهندسوا شبكة الفراشة بتبديل البلورات بصفوف وصفوف من الإسطوانات الصغيرة جداً، والتي تدعى أيضاً باسم محولات متسعات الأمواج فوق الصوتية للأجهزة الدقيقة او CMUT اختصاراً. يمكنكم تصورها على شكل لوحة معدنية معلقة بين قطبين من الأقطاب الكهربائية. بتمرير تيار كهربائي من خلالهما ستهتز اللوحة، وتقوم بضبط التردد عن طريق شحن طاقة المجال الكهربائي. وقد حصلوا على المساعدة من البروفيسور بيير خوري يعقوب من جامعة ستانفورد، والذي صنع أول CMUT في عام 1994. أبحاثه جعلت شركات مثل جينيرال إليكترك وفيليبس وسامسونج مهتمة بطريقة جديدة لعمل الأمواج فوق الصوتية. ولكنهم لم يتمكنوا من معرفة كيفية جعلها تعمل بصورة موثوقة على نطاق واسع. يقول خوري يعقوب،”هذه أجهزة مجهزة بطاقة عالية معتمدة على المجال الكهربائي” ويضيف، “إنها تشبه سيارة الموستانغ. إن أمكنك السيطرة عليها، فإنها ستكون جيدة لك. وإن لم تستطع فستؤدي إلى هلاكك.”
أنجزت مهاراته في الهندسة مع رياضيات سانشيز عملية إعادة التصميم. بربط الـ CMUT مباشرةً مع طبقة شبه الموصل والتي تحتوي على جميع المضخمات الضرورية ومعالجات الإشارة لتحول الأصوات إلى صور. إنها كمية هائلة من البيانات، حيث تعالج الشريحة حوالي عشرين نسخة من فلم المرأة الخارقة كل ثانية. يقول روثبيرغ، “إذا كانت النسخة القديمة من أجهزة الأمواج فوق الصوتية قصبة، فهذه النسخة عبارة عن خرطوم حريق”. ولكن من الممكن أن تستفاد الشركة من التقدم في سوق تقنيات التصنيع المخصصة لرقائق الحاسوب لجعل الكلفة أقل. يقول روثبيرغ أنهم يخططون للبدء بالشحن في السنة القادمة، مقابل 2.000 دولار. إنهم يأملون بتزويد كل جهاز ببرمجيات التعلم العميق المدرّب على مئات الآلاف من صور الأمواج فوق الصوتية، فهو يعلم الفرق بين اللقطات ذات الجودة العالية من اللقطات ذات الجودة المنخفضة لأجزاء مختلفة من الجسم، وهم في إنتظار موافقة إدارة الأغذية والعقاقير. ومع أن الجهاز لم يدخل السوق بعد، فأنه قد أنقذ حياةً مسبقاً بالفعل.
في تموز، كان رئيس الفريق الطبي لشبكة الفراشة، جون مارتن، في مستشفى في دنفر، يعمل على مجموعة من دراسات التحقق على الجهاز. وكان مصاباً بنزلة برد مع تصلب في رقبته، ولكنه إكتشف أنه كان مجرد نشاط زائد من عقدة لمفاوية. وبما أنهم كانوا يختبرون الجهاز على اي حال، فقد قام بوضع بعض الهلام على حنجرته، وشغل الجهاز عليه. فظهرت كتلة داكنة بحجم 3.4 سم “هذه ليست عقدة لمفاوية،” مفكراً. لم تكن كذلك. لقد كان سرطان الخلايا الحرشفية ينمو تحت لسانه لأشهر.
فذهب لرؤية أخصائي، وبعد عملية جراحية إستغرقت خمس ساعات ونصف تمت إزالة الورم. وهو الآن يخضع للعلاج الإشعاعي، والذي جعل صوته يتقطع بمجرد أن يتكلم. يقول بأنه ربما لم يذهب لرؤية طبيب من أجل شيء صغير كالعقدة اللمفاوية، ويأمل بأن تساعد التكنولوجيا الناس الذين من الممكن أن يرتكبوا نفس الخطأ، أو الذين لا يملكون الوصول من الأساس. يقول مارتن، “في يوم من الأيام لم تكن مقاييس الحرارة موجودة سوى في المستشفيات، وكذلك بالمثل بالنسبة لأصفاد قياس ضغط الدم وأجهزة تنظيم ضربات القلب،” ويضيف، “كلما أسرعنا بوضع تقنيات ذكية بأيدي الناس في المنزل، كلما أمكن إجراء التشخيص الصحيح. لم أجد حالة مرضية لم يؤدِ الكشف المبكر لها إلى نتائج أفضل. وأنا دليل حي على ذلك.”

المصدر هنا

عن

شاهد أيضاً

الإجراءات التجميلية ضرورية للرجال أيضاً في وادي السيليكون 

بقلم: بيتر هولي تاريخ النشر: 9يناير 2020  ترجمة: سرى كاظم تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: …

ما هو الروبوت؟  

بقلم: كريس بود.                                                                       قدمه: مارين في 12 ديسمبر 2018. ترجمة: أيوب  أوقاسي تدقيق: ريام عيسى …