الرئيسية / بيئة / ما سيكونُ العالم عليه لو كانت درجاتُ الحرارة أعلى بمعدل أربع درجاتٍ مئويّة!

ما سيكونُ العالم عليه لو كانت درجاتُ الحرارة أعلى بمعدل أربع درجاتٍ مئويّة!

ترجمة : رفل عبد الامير
تدقيق: الحسن هادي
تصميم الصورة: مكي السرحان

ميكرونيزيا (مجموعةُ جزر تقع في النصف الجنوبيّ من المُحيط الهادي) تهبطُ إلى ما دون سطح المحيط؛ يأخذُ ساكنو الباكستان وجنوب الهند بالهجرة، بينما تأخذُ أوروبا بالتحوّل التدريجيّ إلى صحراء. نعم؛ هذا ما سيكونُ عليه العالم لو كانت درجاتُ الحرارة أعلى بمُعدّل أربع درجاتٍ مئويّة من ما هي عليه الآن.
الأخبارُ السارّة؛ أنّ القارةَ القطبيّة الجنوبيّة لن تكونَ بعد ذاك مجردّ أرضٍ مكسوّةٍ بالجليد؛ غيرِ صالحة للسكن… ففيها مدنٌ جديدةٌ ستزدهرُ في ربوع أراضٍ خضراء، سيقصدُها للسكن لاجئو-المناخ، بأعدادٍ تُقدّرُ بمئات الملايين. هذه الجموعُ الغفيرة ستطعمهم المحاصيلُ الوفيرة التي ستمدُّهم بها كلّ من كندا الشماليّة وإسكندنافيا وسيبيريا.
يبلغُ عمرُ الخارطة أدناه -والتي توضّحُ بعض التغيُّرات التي من الممكن حصولها نتيجةً لإرتفاع درجات الحرارة على سطح الكوكب بمعدّل أربع درجات مئويّة- ثمانيةَ أعوام، بيدَ أنّها تصبحُ أكثر دقّةً وإتّفاقًا مع الواقع بمرور الوقت (وإرتفاع درجات الحرارة). وعادةً ما تظهرُ القارّةُ القطبيّةُ الجنوبيّة في الخرائط بيضاءَ لما يكسوها -على أرض الواقع- من جليد، في حين أنّ النهاية الغربيّة للقارّة تظهرُ في هذه الخارطة باللون الأخضر الصارخ!… تُبيّنُ التقارير* أنّ القارة القطبيّة الجنوبيّة آخذةٌ بالتحوّل إلى خضراء بالفعل!.
إنّ حدوث التغيُّرِ المناخيّ موضعُ تشكيك عددٍ قليلٍ من العُلماء، في حين أنّ بعضهُم يجدُهُ من إختلاقِ الإنسان وصُنعه لا غير. لكن ما لا شكَّ فيه، هو أنّ عددًا كبيرًا من العُلماء يجدونَ صعوبةً في إستيعاب وفهم ظاهرة الإحترار العالميّ، وهذا -إلى حدٍّ ما- وسيلةٌ ملائمة وطريقةٌ ناجعة لتجاهُل الآثار التي يخلّفُها والأضرار التي يسبّبُها.
إنّ على أولئك العلماء الواقفين في صفّ الحجّة والدليل أن يُدركوا أنّ الإستمرارَ بتوعُّدِ الواقفين في الصفّ الآخر بالخسارة والبؤس يعزّزُ من رفضهم للنموذج الجديد.
تعرضُ لنا هذه الخارطة بؤسًا كثيرًا وكوارثًا، وآمالًا وحلولًا… ولا أعني “بالحلول” حلولًا تعودُ بحيواتنا إلى نمط ما قبل التغيُّر المناخيّ، إلى نمط حياةٍ مضت عليه بضع عقود… فحلولٌ كهذه فضلًا عن كونها مُكلفة؛ عديمةُ الجدوى. ستكونُ بدلًا عن ذاكَ، حلولًا تجعل تكيُّفنا معيشيًّا مع العالم الجديد الأدفء أمرًا مُمكنًا.
هذا كانَ عن الأخبار السارّة. الأخبارُ غيرُ السارّة فهي أنّ مناطقًا وأراضٍ لن تعود قابلةً للسكن (مؤشرةً باللون البُنيّ في الخارطة) لقساوة الطقس، وما سيحدثُ من جفافٍ أو فيضانات وغير ذلك من الكوارث الطبيعيّة. “سنودّع – إن صحّ التعبير” الساحلَ الغربيّ للولايات المُتّحدة الأمريكيّة حتّى المكسيك، وأواسط الولايات المُتّحدة الأمريكيّة حتّى الثلث الأوسط من القارّة الأمريكيّة الجنوبيّة. أمّا عن أفريقيا، فالموازبيق ومدغشقر “ستندثران وتختفيان”. القارةُ الآسيويّة ستخسرُ الكثير من أراضي شبه القارّة الهنديّة، بضمنها الهند، الباكستان، الهند الصينيّة، وكذلك أغلب الأراضي الأندنوسيّة.
تُنبئنا الخارطة أيضًا بأنّ ”آخر من تبقّى من سكان جنوب غربيّ الولايات المتّحدة سيهاجرون شمالًا. نهرُ الكولورادو لن يعدو كونهُ مجرد مجرىً هزيل، وستغدو البيرو أرضًا جافّة لا تصلحُ سكنًا لمبتغي سكن، والبنغلادشُ (كمثل جنوب الهند) ستُهجر، في حين أنّ الجموعَ البشريّة المعزولة “في جيوب الباكستان” لن يطالها طائل مادامت حيثُ هي“.
ما مؤشرٌ باللون البُرتقاليّ هو الآخر ليس بأحسن حالًا!… صحارٍ غير قابلة للسكن، في معظم أراضي الولايات المتّحدة الأمريكيّة، وما تبقى من القارّة الأمريكيّة الجنوبيّة، وعلى نحوٍ تقريبيّ – كلّ أفريقيا، والنصفّ الجنوبيّ لكل من القارتين: آسيا وأوروبا. ”صحارٍ تتعدّى جنوب أوروبا إلى عمق القارّة، أنهارٌ تجفّ، وجبالُ الألب لن تعود تلك الجبال المكسوّة بالجليد، حيواناتُ الماعز وسائرُ الدواب القادرة على الإحتمال سيتمّ الإحتفاظُ بها على حواف هذه المنطقة وحدودها“.
وبإفتراض أنّ هذا الإرتفاع في معدلات درجات الحرارة سيضيفُ لمستوى إرتفاع مياه المحيطات مترين إضافيين، فإنّ المناطق حمراء اللون في الخارطة ستُفقدُ نتيجة المدّ المتكرّر لمياه المحيط. قد تحسبُ أنّ مترين إضافيين ليسا بالكثير، ألست؟… لكنّ هذا الإرتفاع في منسوب المياه سيحصلُ حيثُ يتركز السكّان!… أمعن ناظرك في الخارطة. فعلى سبيل المثال، رغم أنّ المساحة التي تشغلُها أراضي الولايات المطلّة على البحر أقلُّ من 10% من المساحة الكليّة للولايات المتحدة الأمريكيّة (بعدم أخذ آلاسكا بنظر الإعتبار)، إلّا أنّ حوالي 40% من العدد الكليّ للسكان يشغلون هذه الولايات!.
الخارطة هنا
أمّا ما مؤشرٌ باللون الأخضر الفاتح، فهذه هي المناطقُ الصالحة لزراعة مختلف أنواع المواد الغذائيّة، والمدنُ التي سكتضُّ بالسكان… وسيقصدها لاجئو المناخ. نعم!… غربُ القارة القطبية الجنوبية من هذه المناطق! ”قد يعسرُ عليك تصديقُ ذلك!… مكتضّةٌ بالسكان!، سيكونُ من العسير أيضًا التعرّفُ عليها!“… هل هذه هي القارة القطبيّة الجنوبيّة؟؟. أمّا نيوزيلاندا القليل ساكنوها هذه الأيام، فستغدو هي الأخرى مركزًا عالي الكثافة السكانيّة. نصفُ الكرة الأرضيّة الشماليّ سيوفرُ مساحاتٍ للزراعة، كما في كندا وسيبيريا، حيثُ سيوفّرُ الهطولُ -الأكيدُ- للأمطارُ؛ والدفءُ في درجات الحرارة ظروفًا مثاليّة لنموّ معظم محاصيل الكفاف التي ستزرعُ في شتى أرجاء العالم. في حين ستعجُّ المملكة المتّحدة والدولُ الإسكندنافيّة وغرينلاند وشماليّ روسيا بالمدُن التي ستكتضُّ هي الأخرى بالسكّان لتوفير مأوىً ملائم سكنًا للعديد من الناس.
هذا المناخُ الأكثرُ دفءً سيؤدي إلى حصول “إعادة التشجير” في مناطق شتّى، منها الجزءُ الغربيّ من أستراليا، والساحِل الأفريقيّ. في حين سينالُ التصحّرُ من أراضٍ أخرى، ولن تغدو هذه الأراضي غير ذات نفع! بل ستستثمر هذه المساحات، ليُفادَ منها في الزراعة الشمسيّة (نقاطٌ خضراء على الخارطة) وفي توفير الطاقة الحراريّة الأرضيّة (geothermal – نقاطٌ حمراء على الخارطة). مزارعُ الرياح العملاقة، قبالةَ سواحل أمريكا الجنوبيّة، آلاسكا، وفي بحر الشمال ستسهمُ هي الأخرى في سدّ إحتياجات الكوكب إلى الطاقة.
نُشرت الخارطة أوّلًا في مجلّة (New Scientist)، وأثبتها براغ خانا في كتابه (Connectography)، وطرح السؤال : ”إنّ العدد الحاليّ لسكّان في القارّة القطبيّة الشماليّة يقلُّ عن (أربع ملايين نسمة). هل من الممكن أن يصبحَ أربعمئة مليونًا خلال السنين العشرين القادمة؟“.
قد يكونُ الوقتُ المناسب لشراء عقاراتٍ في غرينلاند هو اليوم!… سارع إلى ذلك، قبل أن تغدو أرضًا خضراء!.
المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

حل مشكلة التبريد العالمي

بقلم: فارس مختار  بتاريخ:٩ من يونيو ٢٠٢٠  لموقع:Bloomberg Green  ترجمة:  ريهام ماهر تدقيق: ريام عيسى …

6 أسباب تدفعك للاهتمام بالبيئة

ترجمة: لبنى جمال تدقيق: ريام عيسى تصميم: نورا محمود “لطالما كان تاريخ الحياة على الأرض …