الرئيسية / طب / العلماء يحوّلون المايكروب المتسبّب بـتسمّم الطعام إلى محارب لـلسرطان

العلماء يحوّلون المايكروب المتسبّب بـتسمّم الطعام إلى محارب لـلسرطان

إنّ مرض السرطان يميل لـلبقاء؛ وذلك لأنّه (عمليًا) لا يُـقهَر بـالنسبة لدفاعات الجسد، إنّ جهاز الإنسان المناعي لا يستطيع تمييز الخلايا السرطانية كونها ليست جسدًا غريبًا من خارج الجسم ولتفعيل الجهاز المناعي لـهذا الغرض (وهو مهاجمة الخلايا السرطانية) قام العلماء بتجربة كل ما في جعبتهم بـما في ذلك جعل نوع من البكتيريا تغزو هذه الخلايا السرطانية، في هذا الوقت قام العلماء بـإجراء تغييرات على بكتيريا السالمونيلا (Salmonella) لكي تحفّز نوعًا من الإستجابة المناعيه لـخلايا إنسان مصابة بـالسرطان مزروعة في الفئران؛ مـمّا أدّى إلى تقلّص الخلايا، – ولأوّل مرّة – منعها من الإنتشار.

إذا كان بالإمكان إستنساخ تقنية كـهذه وتنفيذها بنجاح في الإنسان فـستكون خطوة جبّارة في مجال علاج الأورام.
’’هذا الفريق قام بعملٍ جيد وتحمّل الكثير.‘‘ كما يقول روي كيرتس الثالث (Roy Curtiss III)، وهو باحث في مجال الأمراض الإنتقالية (المعدية) في جامعة فلوريدا في غينسفيل (University of Florida in Gainesville) وقد كان من الرائدين في العمل على تقنيّات مشابهة لـعلاج الأورام.

لأنّ البكتيريا تميل عادةً إلى أن تتواجد في الأنسجة المتآكلة، قليلة الأوكسجين وهي نفس البيئة – الموجودة في معظم الأورام الصلبة – (الأورام التي لا تحتوي على سوائل أو أكياس داخلها وتحدث عادة في العظام والعضلات… إلخ) يستطيع العلماء بسهولة إستهداف الخلايا أو الأنسجة السرطانية بالمايكروبات.

عملية علاج واحدة لـحدِّ الآن فقط هي التي حصلت على موافقة منظّمة الغذاء والدواء الأميركية (Food and Drug Administration) (وهي منظّمة تابعة لوزارة الخدمات الصحّية وحقوق الانسان في الولايات المتحدة؛ تأسّست سنة ١٩٠٦ عن طريق ثيودور روزفلت لمتابعة والتأكّد من سلامة الأغذية والعقاقير والمستحضرات الموجودة في السوق وتعزيز الصحّة العامّة. – المترجم)، وهي عملية لعلاج سرطان المثانة بـالرغم من أنّ هناك مخطّطات لعمليات أخرى. حتّى مع أكثر هذه التقنيات فعّالية فـإن الأورام تميل للرجوع، والبكتيريا نفسها قد تكون سامّة.

بكتيريا السالمونيلا هي بكتيريا ذات شكل عصوي مسؤولة عن معظم حالات تسمّم الطعام. في عام ٢٠٠٦ كان باحثون في جامعة كونام الوطنية في كوانجو في كوريا الجنوبية (Chonnam National University in Gwangju, South Korea) يحاولون إيجاد عنصر جديد لـمكافحة مرض السرطان وكانوا أيضًا يحاولون إيجاد لقاح لـبكتيريا تُـعرَف ب فيبيريو فولنيفيكس (Vibrio vulnificus)؛ هذا النوع من البكتيريا عادةً ما تصيب المحار الذي يتواجد على السواحل الكورية الجنوبية ومع عملهم على بكتيريا الفيبيريو لاحظوا أنّ هنالك بروتينًا معيّنًا يوجد في الفلاجيلا (وهو تركيب يشبه السوط يساعد البكتيريا على الحركة والسباحة كما هي الأقدام والأيدي عند الإنسان)، هذا البروتين له القدرة على إستثارة النظام المناعي والحصول على إستجابة مناعية قويّة، وبـالتالي قام هؤلاء الباحثون بـأخذ جنس آخر غير مؤذٍ من بكتيريا السالمونيلا إسمه سالمونيلا تايفيميوريام (Salmonella typhimurium) وقاموا بتغييرها جينيًا لـكي يستطيع إفراز البروتين المذكور آنِـفًا الذي أُطلِـقَ عليه إسم (FlaB).

الفريق كان يقوده علماء الأحياء جانغ-جوون-من (Jung-Joon Min) وجوون-هانغ-ريي (Joon Haeng Rhee) بدأ بـإختبار تأثيرات بكتيريا السالمونيلا المعدّلة جينيًا على السرطان. في مجموعةٍ معيّنة من الإختبارات قاموا بـحقن عشرين فأرًا يحتوون على خلايا سرطان القولون بـهذه البكتيريا وبعد ثلاثة أيام اكتشف العلماء إنّه وبـالرغم من أن الفئران قد تخلّصت من البكتيريا في الكبد والرئتين والطحال؛ إلّا أنّ الخلايا السرطانية الموجودة في الأنسجة ما زالت تعجّ بـبكتريا السالمونيلا، وبعد ١٢٠ يوم لم تعد الأورام موجودة في ١١ فأر من أصل ٢٠ والتي بقيت بـصحّة جيدة خلال التجربة. عدد من الفئران التي حُـقنَت بـبكتيريا السالمونيلا غير القادرة على إفراز بروتين (FlaB) تدهورت حالتها في النهاية واستسلمت للسرطان. بعدها قام الباحثون بـزرع خلايا سرطان القولون لـمجموعة أخرى من الفئران وقاموا بعلاج ثمانٍ منها بـبكتريا السالمونيلا القادرة على إفراز بروتين (FlaB) وستٍّ منها بـبكتيريا غير قادرة على إفرازه وسبع فئران إضافية لم تُـعالج. بعد ٢٧ يومًا وُجِد إنتشار كبير للخلايا السرطانية بـالنسبة للفئران التي لم تُـعالج وأيضًا بالنسبة لـتلك التي عُـولِجت بـبكتيريا السالمونيلا تايفيميوريام (غير القادرة على إفراز بروتين FlaB)؛ أما الفئران التي عُـولجت بـالبكتيريا القادرة على إفراز البروتين فـوُجدَت مصابة بـأربعة أورام ثانوية فقط، ومعظمها لم يُـظهر علامات الإنتشار إلى أنسجة أخرى، هؤلاء الباحثين يقدّمون تقاريرهم حاليًا في علم الطب الحركي (Science Translational Medicine) (وهو أحد مجالات البحوث الطبية – الأحيائية التي تهدف إلى تسريع عمليات إكتشاف أدوات تشخيصية وعلاجات جديدة.
– المترجم)
إن بروتين (FlaB) على الأغلب هو من يرجع إليه الفضل في إعاقه إنتشار الخلايا السرطانية. الباحثان (من) و (ري) كتبا في إحدى رسائل الإيميل بـأن بروتين (FlaB) يقوم بتفعيل الجزيئة الثانوية المسمّاة (TLR5) التي تقوم بتفعيل الخلايا المناعية وجعلها أكثر عدائية حيث كتب الباحثون أن الخلايا المناعية ’’تتغيّر من الدكتور جيكل إلى السيد هايد،‘‘ (وهو تعبير يدل على التغيّر من الشخصية الجيدة إلى الشخصيه الأكثر عدائية. – المترجم)

في الوقت الحاضر، سـيستمر فريق الباحثين بتقييم التقنية على الحيوانات المختبريّة؛ لكن الباحثين (من) و (ري) يودّان خلال السنوات القليلة القادمة إقامة الإختبارات السريرية على الإنسان للبت بإمكانية إستخدام التقنية بصورةٍ آمنة لـعلاج الأورام في الإنسان.

المصـدر:-
هنا 

 

عن

شاهد أيضاً

فوسفات الكلوروكين قد تساعد في علاج فايروس كورونا

تجارب سريرية تجرى لتحديد عقاقير فعالة لعلاج فايروس كورونا الجديد .   ترجمة : سهاد …

السجائر الالكترونية تؤثر على الأوعية الدموية حتى بدون النيكوتين

ترجمة: حيدر هاشم تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: أسماء عبد محمد   ربما تكون السجائر …