الرئيسية / بيئة / التغيُّـر المناخي يضاعف الحرائق في الغابات الغربيّة للولايات المتّحدة الأميركية

التغيُّـر المناخي يضاعف الحرائق في الغابات الغربيّة للولايات المتّحدة الأميركية

تاريخ النشر: 12/أكتوبر/2016
المصدر: لامونت دوهرتي لمراقبة الأرض – جامعة كولومبيا “Lamont-Doherty Earth Observatory, Columbia University”
ملخّص: إرتفاع الجفاف يؤدّي إلى إحتراق آلاف الأميال المربّعة بحسب تقارير المحقّقين. بحسب ما جاء في الدراسة فإن إرتفاع درجات الحرارة منذ عام 1984 وما صاحب ذلك من جفاف، سبّب إزدياد في الحرائق وامتدادها إلى مساحات إضافية تُـقدَّر بــ 16,000 ميلًا مربّعًا عن ما كان عليه سابقًا؛ وهي ما تعادل مساحة ولايتي ماساشوستس وكونيتيكت مجتمعتين. المسؤولون يحذّرون من استمرار الزيادة في درجات الحرارة التي ستؤدّي إلى إرتفاع حوادث الحرائق في العقود القادمة وبشكلٍ طردي.
ذكرت دراسة جديدة أنّ التغيير المناخي الناجم عن الأنشطة البشرية أدّى إلى زيادة المساحة المتأثّرة بحرائق الغابات غرب الولايات المتّحدة إلى الضعف في الــ 30 سنة الأخيرة. بحسب الدراسة فإنّه ومنذ عام 1984؛ أدّى إزدياد درجات الحرارة وارتفاع نسب الجفاف إلى إنتشار الحرائق وإمتدادها إلى مساحات إضافية تُـقدَّر بــ 16,000 ميلًا مربّعًا عن ما كان عليه الحال سابقًا؛ وهي ما تعادل مساحة ولايتي ماساشوستس وكونيتيكت مجتمعتين. المسؤولون يحذّرون من استمرار الزيادة في درجات الحرارة التي ستؤدّي إلى إرتفاع حوادث الحرائق في العقود القادمة وبشكلٍ طردي.
الدراسة منشورة في جريدة (وقائع الأكاديمية الوطنية للعلوم) – “Proceedings of the National Academy of Sciences”
’’مهما بذلنا من جهد، فإنّ حجم الحرائق سيزداد، والسبب واضح للغاية‘‘، يقول بارك ويليامز (Park Williams) أحدّ المعدّين لهذه الدراسة، وهو عالم في المناخيات الأحيائية في (لامونت دوهرتي لمراقبة الأرض) – “Lamont Doherty Earth Observatory” التابع لجامعة كولومبيا. ويضيف: ’’عند تحدّثنا عن ما يمكن أن يحترق فإن المناخ هو العامل المسيطر هنا. علينا أن نستعدّ لحرائق أضخم مما عهدته الأجيال السابقة.‘‘
الحرائق بدأت بالإرتفاع بشكلٍ فجائي في ثمانينيات القرن الماضي، ذلك بناءً على قياس الأراضي المحترقة وعدد الحرائق الكبيرة ومدّة مواسم الحرائق. والزيادة مستمرّة، مؤخّرًا بدأ العلماء والمسؤولون بإلقاء اللّوم على التغيُّـر المناخي الناجم عن الأنشطة البشريّة. قامت الدراسة الجديدة بإعطاء أرقام وحجم لهذه المزاعم. ’’أصبح الكثير من الناس يستعملون عبارة التغيّر المناخي؛ خاصة العام الماضي، بعد قيام كل من قائد مكافحة الحرائق ومحافظ كاليفورنيا بإطلاق عبارة (الأمر الطبيعي الجديد) لوصف تلك الحرائق.‘‘ يقول المعدّ الرئيسي للدراسة جون أبيتزيجلو (John Abatzoglou)، وهو بروفيسور في الجغرافيا في جامعة أيداهو. وأضاف قائلًا: ’’أردنا أن ندعم هذا الإدّعاء بالأرقام.‘‘
تؤدّي الحرارة إلى حدوث الحرائق بسبب الجفاف الناتج عنها. الهواء الساخن يمكن أن يمتصّ كميات كبيرة من الرطوبة، وينتهي به الأمر بالحصول عليه من النباتات والأشجار والنباتات الميتة على الأرض ومن التربة. ارتفعت معدّلات درجات الحرارة في أراضي الغابات غرب الولايات المتّحدة بمقدار 2.5 درجة فهرنهايت منذ 1970، وسـتستمر بالإرتفاع كما هو متوقّع. وارتفاع نسبة الحرائق هي النتيجة الواضحة لتأثير الجفاف هذا. قام ويليام بنشر دراسة في العام الماضي تبيّن أن إمتصاص الرطوبة الناتج عن التغيير المناخي أدّى إلى تفاقم الجفاف في ولاية كاليفورنيا، ورافق ذلك ازدياد في إنتشار الحرائق.
الزيادة الحاصلة في الحرائق منذ الثمانينيات هو ضعف ما أعزاه الباحثون إلى التغيير المناخي؛ الباقي يعود إلى عوامل أخرى. أحدهما يعود إلى تقلُّـب المناخ على المدى الطويل في المحيط الأطلسي الذي أدّى إلى إبعاد العواصف عن الجزء الغربي للولايات المتّحدة. عامل آخر: إسلوب مكافحة الحرائق نفسه. استمرار السلطات بإخماد الحرائق سمح للأراضي التي (أُنقذَت) بتحولها إلى وقود من الجفاف إشتعل فيما بعد، نتج عن ذلك ألْـسِنة لهب مدمّرة أكثر، حسب قول الباحثين. ونتيجة ذلك ارتفعت تكاليف مكافحة الحرائق بشكلٍ حاد؛ صرفت الحكومة الفيدرالية 2.1 مليار دولار للعام الماضي فقط. ’’نحن نرى نتائج طرق ناجحة جدًّا لإخماد الحرائق، عدا أنّها لم تعد ناجحة لهذه الدرجة بعد الآن.‘‘ – يقول أبيتزيجلو.
قام معدّو الدراسة بإستخراج تأثيرات زيادة حرارة المناخ عن بقيّة العوامل؛ بالنظر إلى ثمانية أنظمة مختلفة لغاية تصنيف جفاف الغابات؛ تضمّن ذلك مؤشّر بالمر “the Palmer Drought Severity Index” لشدّة الرطوبة ومؤشر مكارثر “MacArthur” لخطورة حرائق الغابات ونظام تصنيف خطورة حرائق الغابات الكندية. قاموا بعد ذلك بمقارنة تلك القياسات مع ما تم رصده من حرائق سبق وأن وقعت ونماذج مناخية ضخمة قَـدَّرَت الحرارة الناتجة عن الأنشطة البشريّة. خلاصة هذه البيانات أظهرت أنّ 55% من زيادة وقود الجفاف المؤدّي إلى الحرائق قد يعود إلى التغيير المناخي الناتج عن الأنشطة البشريّة. التغير المناخي الذي يلعب دورًا في زيادة عامل الجفاف قد ارتفع منذ عام 2000، يقول الباحثون، وسيستمر بذلك.
ويليام وأبيتزيجلو يقولان أنّهما لم يأخذا بالحسبان عوامل أخرى قد تتفرّع كنتيجة لإرتفاع حرارة المناخ، و بذلك فإنهما قد يكونان استهانا بتأثيره. تتضمّن هذه العوامل ملايين من الأشجار التي أُميتَـت في السنوات الأخيرة بسبب الخنافس التي تفضّل الأجواء الأكثر دفئًا وانخفاض رطوبة التربة في فصل الربيع الناتجة عن ذوبان الثلوج في وقت سابق. هناك أيضًا أدلّة على أنّ البرق – الشرارة الأولى المسبّبة للحرائق في العادة — قد يزاد مع إرتفاع درجات الحرارة.
الدراسة لا تغطّي الأراضي العشبية والمراعي. لقد شهدت بدورها زيادة في الحرائق أيضًا، ولكن الأدلّة التي تدعم لعب المناخ دور في ذلك قليلة، يقول أبيتزيجلو؛ بالأحرى، فإن إجتياح الأعشاب شديدة الإشتعال هو الدافع الأساسي كما يبدو.
مايك فلانجان (Mike Flannigan)، باحث في الحرائق في جامعة آلبيرتا “University of Alberta”، يقول بأنّ هناك دراسات سابقة حاولت فهم تأثيرات المناخ على الحرائق في أجزاء من كندا، لكن لم يسبق أن تم ذلك في الولايات
المتحدة؛ وعلى هذا النطاق. ’’ما هو رائع في هذه الدراسة أنّها أعطت قياسًا لهذا التأثير، وذلك على نطاق وطني.‘‘ – كما يقول.
عالميًا، الحرائق البرية في إزدياد مستمر، غالبًا مع شكوك علاقة ذلك بالمناخ. الكثير يرون الحريق الذي ساوَى جزءًا من المدينة الشمالية لماكموراي في ولاية ألبيرتا في شهر أيار، هو نتيجة لإرتفاع درجات الحرارة التي بدورها تؤدّي إلى جفاف الغابات الشمالية. أصبحت الحرائق تنتشر إلى ما هو أبعد لتصل إلى السهول الجرداء، في أماكن لم تشهد ألسنة اللّهب لآلاف السنين. مع ذلك، لا يُـتوقّع ارتفاع نسب الحرائق في كل مكان. ’’ارتفاع نسب الحرائق في الكثير من الأماكن يتّفق مع التوقّعات.‘‘ – يوقول جيريمي ليتَّل (Jeremy Littell) وهو باحث في علم البيئة لدى المسح البيئي التابع للولايات المتحدة في أنكريج في ولاية آلاسكا “U.S. Geological Survey in Anchorage, Alaska”. ويضيف بالقول: ’’لكن في الكثير من الغابات، العلاقة بين الحرائق والمناخ ليست بالوطيدة.‘‘
حتّى الآن، وبالرغم من عدم تسجيلها، شهد هذا العام حرائق ضخمة. خلال الصيف، احترقت ثلاثة آلاف هكتار عبر الولايات المتّحدة، أغلبها في الغرب، بدأت من واشنطن وامتدّت إلى ولاية داكوتا و نزولًا إلى تكساس. بعض العلماء يحذّر من قدوم الأسوء؛ في بعض المناطق، أخطر الظروف قد تتوافر في شهري سبتمبر إلى ديسيمبر، عندما تلتقي رياح الصحراء مع وقود الجفاف الذي يحدث على مدى خمسة أو ستّة أشهر.
التأثير يتخطّى خسارة الأشجار وغيرها من النباتات. فقد قدَّرت دراسة في 2012 أنّ الدخان الناتج عن الحرائق عالميًّا يسبب تأثيرات صحية على المدى الطويل، تقتل 340,000 شخصًا سنويًّا، في جنوب الصحراء الكبرى وجنوب شرق آسيا بشكلٍ أساسي. إنبعاثات الكربون إلى الهواء تزيد من عبء الغازات المسبّبة للإحتباس الحراري الموجودة أصلًا، وبالتالي إرتفاع أكثر في درجات الحرارة. كما أن إستقرار السخام على الثلج يؤدّي إلى إمتصاص الأخير للمزيد من الحرارة وبذلك إلى زيادة سرعة ذوبانه.
الكثير من العلماء الذين يقومون بدراسة هذه المسألة، يعتقدون أنّ إرتفاع نسب الحرائق في غربي الولايات المتّحدة سـيستمر لسنوات عديدة. ويليامز والبقيّة يقولون أنّه في نهاية المطاف، الكثير من الغابات الغربية سـتحترق لدرجة أنّها سـتصبح مجزّأة بشكلٍ يصعب على الحرائق الإنتشار فيها بسهولة، وبذلك فإن إزدياد حجم الحرائق سـيتوقّف. ولكن ويليامز يقول: ’’لا توجد إشارة على أنّنا قد اقتربنا من تلك المرحلة بعد. إنّني أتوقّع أن تستمر الزيادة وبشكلٍ مضاعف، على الأقل خلال العقود القادمة.‘‘ خلال هذه الفترة، يقول: ’’يعني ذلك الإبتعاد عن طريق الحرائق. بالتأكيد سـأشعر بالقلق حيال العيش في منطقة غابات تمتلك طريقًا واحدًا للدخول وآخر للخروج.‘‘
Story Source: Materials provided by Lamont-Doherty Earth Observatory, Columbia University. Note: Content may be edited for style and length.
Journal Reference:
John T. Abatzoglou, A. Park Williams. Impact of anthropogenic climate change on wildfire across western US forests. Proceedings of the National Academy of Sciences, 2016; 201607171 DOI: 10.1073/pnas.1607171113
المصدر:-  هنا

عن

شاهد أيضاً

كيف أصبحت الحياة كلها تنافسًا شديدًا ودائمًا؟

من مجلة (ذي أتلانتك) تنشر في عدد أيلول/سبتمبر 2019 ترجمة: ابراهيم العيسى تدقيق: عمر اكرم …

حدود الطاقة النظيفة

بقلم: جيسون هيكل منشور بتاريخ: 6 أيلول/سبتمبر، 2019 ترجمة: آلاء عبد الأمير تدقيق: عمر اكرم …