الرئيسية / اثار / هل عدسة نمرود الآشورية أقدم تلسكوب في العالم؟ أو “عدسة نمرود الآشورية: أقدم تلسكوب في العالم!”

هل عدسة نمرود الآشورية أقدم تلسكوب في العالم؟ أو “عدسة نمرود الآشورية: أقدم تلسكوب في العالم!”

بقلم: أبريل هالواي
ترجمة: كلكامش نبيل

عدسة نمرود عبارة عن قطعة من الكرستال الصخري يبلغ عمرها 3000 عام، وقد أكتشفت من قبل السير جون لايارد عام 1850 في القصر الآشوري في مدينة النمرود، في العراق المعاصر. ومنذ إكتشافها قبل أكثر من قرنٍ من الزمان، تجادل العلماء والمؤرخون حول طبيعة إستخدامها، حيث زعم أحد الأساتذة الإيطاليين البارزين بأن العدسة كانت تستخدم من قبل قدماء الآشوريين كجزءٍ من تلسكوب، وهذا ما يُمكن أن يفسر الكيفية التي تمكن الآشوريون من خلالها من معرفة الكثير عن علم الفلك.

تم صنع عدسة نمرود (وتعرف أيضاً بإسم عدسة لايارد)، والتي يرجع تاريخها للفترة ما بين 750 و710 قبل الميلاد، من الكريستال الصخري الطبيعي وهي ذات شكلٍ بيضوي قليلاً. كانت العدسة مسطحة تقريباً، ربما على عجلة جواهري. وتمتلك نقطة بؤرية على بعد حوالي 11 سم من الجانب المسطح، وبعداً بؤرياً طوله حوالي 12 سم. وهذا ما يجعلها معادلة لقوة تكبير مكبرة تكبر الأشياء ثلاث مرات (والتي وبإستخدامها جنباً إلى جنب مع عدسةٍ أخرى، يمكن تحقيق قوة تكبير أكبر بكثير). على سطح العدسة يتواجد إثنا عشر تجويفاً تم فتحه أثناء تشكيلها، والذي كان يحتوي على النافثا أو بعض السوائل الأخرى الموجودة في خام الكريستال. ويُقال بأن العدسة قادرة على تركيز أشعة الشمس على الرغم من أن تركيزها أبعد ما يكون عن الكمال.

كان هنالك الكثير من الجدل حول الإستخدام الأصلي لعدسة نمرود. يفترض البعض بأنها كانت تستخدم كعدسةٍ مكبرة، أو جزءً من زجاج الحرق لبدء الحريق من خلال تركيز أشعة الشمس، في حين أن آخرين إقترحوا كون العدسة جزءً من جهاز تلسكوب. مع ذلك، فإذا ما أردنا تصديق وصف المتحف البريطاني، فإن عدسة النمرود “ستكون ذات فائدة عملية قليلة أو منعدمة”، على الرغم من أنهم يقرون بأن “هذه القطعة من الكريستال الصخري قد أعدت وصقلت بعناية، وأن لها من دون شك خصائص بصرية”، فتوصلوا لإستنتاجٍ غريب مفاده أن الخصائص البصرية لها “ربما غير مقصودة”. وأتساءل إذا ما كان المتحف البريطاني سيبقى على ذات موقفه أيضاً بشأن كون مئات العدسات الأخرى المصقولة بعناية والتي وجدت في جميع أنحاء العالم القديم “عرضية” هي الأخرى؟
وينهي المتحف البريطاني ذلك بقوله بأنه “ليس هنالك أي دليل على أن الآشوريين قد إستخدموا العدسات، سواء للتكبير أو لإشعال الحرائق، وأن من المحتمل جداً أن تكون هذه القطعة للترصيع، أو ربما لتزيين الأثاث.” ومع ذلك، فإن الكثيرين يختلفون مع هذه المزاعم.
إقترح السير جون لايارد إستخدام الحرفيين الآشوريين لهذه العدسة بمثابة عدسة مكبرة لإنجاز نقوش دقيقة ومعقدة، مثل تلك التي تم العثور عليها على الأختام والألواح الطينية التي تستخدم الكتابة المسمارية. لكن الخبراء في علم الآثار الآشورية غير مقتنعين بذلك. حيث يقولون بأن العدسة ذات جودة منخفضة مما سيجعلها سيئة كأداة للمساعدة على الرؤية.

صورة
(مثال على نصٍ دقيق محفور على ألواح طينية)

تقترح فرضية أخرى كون العدسة قد كانت تستخدم كعدسة حارقة للبدء بإشعال الحرائق. وقد كانت عدسات الحرائق معروفة في العالم القديم. حيث يشير أريستوفانيس إلى “حجرٍ شفافٍ وجميل يقومون بواسطته بإشعال النار” في مسرحيته “السحب” عام 424 قبل الميلاد. ويصف بليني الأكبر (23-79 بعد الميلاد) كيف يمكن لكراتٍ زجاجية مملوءة بالماء أن تضرم النار في الملابس عندما يتم وضعها على خطٍ واحد مع الشمس. مع ذلك، ليس هنالك دليلٌ واضح لدعم النظرية القائلة بأن هذا هو الغرض الذي قد تم من أجله صنع عدسة نمرود.
يقترح العالم الإيطالي جيوفاني بيتّيناتو من جامعة روما بأن العدسة قد أستخدمت من قبل الآشوريين القدماء كجزءٍ من تلسكوب. ووفقاً لوجهات النظر التقليدية، فإن التلسكوب قد تم إختراعه من قبل صانع النظارات الهولندي هانز ليبرشي عام 1608 ميلادية، وكان غاليليو أول من وجهه نحو السماء مستخدماً إياه لدراسة الكون. لكن حتى غاليليو نفسه أشار إلى أن “الأقدمين” كانوا على علمٍ بالتلسكوبات.
وفي حين أن عدساتٍ أخرى قد تم العثور عليها قبل عدسة نمرود، إلا إن بيتّيناتو يعتقد بأن هذه العدسة واحدة من أولى العدسات التي تم إستخدامها في التلسكوب. ويعود تاريخ أقدم العدسات التي تم تحديدها إلى ما قبل 4,500 عام خلت وتعود للأسرتين الرابعة والخامسة في مصر القديمة (على سبيل المثال، رائعة “الكاتب أكروبي” و”الكاي” في متحف اللوفر)، حيث يبدو بأنها كانت تستخدم كتراكيب عيون تخطيطية (القزحية والبؤبؤ) المرتبطة مع التماثيل الجنائزية. فيما يرجع تاريخ أمثلة لاحقة عُثر عليها في كنوسوس إلى حوالي 3,500 عام مضت. في المجمل، هناك عدة مئات من العدسات الموثقة الآن من جميع أنحاء العالم القديم، لذا يبدو أن القدماء قد عرفوا الكثير عن العدسات وأكثر من القليل الذي يعترف به البعض، مثل المتحف البريطاني، ويمنحهم إياه.

ثعابين زحل

من بين الأسباب التي يعتقد بيتّيناتو من أجلها بأن الآشوريين قد إستخدموا عدسة نمرود كجزء من تلسكوب هو أن بعضاً من معارفهم في مجال الفلك يبدو من المستحيل إكتسابها من دون وجود تلسكوب. على سبيل المثال، يرى قدماء الآشوريون كوكب زحل على أنه إله محاط بحلقة من الثعابين، والتي يقترح بيتّيناتو كونها تفسير الآشوريين لحلقات كوكب زحل كما تبدو من خلال التلسكوب. مع ذلك، يقول خبراءٌ آخرون بأن الثعابين تتكرر كثيراً في الميثولوجيا الآشورية، ويشيرون إلى أنه ليس هنالك أي ذكر للتلسكوب في أيٍّ من الكتابات الفلكية الآشورية الناجية.
وأيّاً كان الغرض منها، سواء كنوعٍ من الزينة، أو عدسة مكبرة، أو عدسة لإضرام النيران، أو جزءً من تلسكوب، فإن عدسة نمرود بالتأكيد أكثر من مجرد أن تكون “مصادفة عابرة”. لكن الكيفية الدقيقة التي كانت تستخدم بها أمرٌ من المحتمل ألا نعرفه على الإطلاق.

المصدر: http://www.ancient-origins.net/ancient-technology/assyrian-nimrud-lens-oldest-telescope-world-001381

عن

شاهد أيضاً

ماذا يعني تحطيم التماثيل؟

توجهنا بالسؤال إلى خبيرة تاريخ الفن التي درست تدمير التراث الثقافي.   بقلم: جوناه أنجل …

لا يحدث كل شيء لسبب

بقلم: نيكولاس كليرمونت ترجمة: رحاب الهلالي تدقيق: ريام عيسى تصميم الصورة: امير محمد ١١/حزيران / …