الرئيسية / ثقافة / إينيو موريكيوني: فارس الموسيقى السينمائية

إينيو موريكيوني: فارس الموسيقى السينمائية

يُعد إينيو موريكيوني واحداً من أعظم الملحنين الغزيري الأنتاج والأنتقائيين في أعمالهم على مدار تاريخ هذا الصنف الموسيقي. حيث بدأ في الستينيات من القرن الماضي بتلحين العشرات من أفلام الويسترن، وعلى مدار حياته المهنية، كان قد أنتج أكثر من ٥٠٠ موسيقى تصويرية متوزعة مابين الأفلام والأنتاجات التلفزيونية الصادرة باللغات الأنجليزية، الفرنسية، الأيطالية والألمانية. وبالأضافة الى عمله في موسيقى أفلام الويسترن، إلّا أنه قد قام أيضاً بتلحين العديد من أفلام الغموض والمغامرات والرومانسية والكوميدية.

يتحدث موريكيوني في إحدى مقابلاته الصحفية عن بداياته في موسيقى الأفلام قائلاً ” بداياتي كانت مع تلحين الأفلام الكوميدية الخفيفة التي كانت تحتاج الى الحان موسيقية بسيطة الأنتاج. انه النوع الذي لم اتخلَ عنه بالكامل حتى عندما عملت مع مخرجين كبار لأنتاج أفلام مهمة.”

الألحان الموسيقية البسيطة هذه كانت بارعة بطبيعتها وجعلت من موريكيوني ملحّناً متميزاً عن باقي معاصريه. الحانه الموسيقية كانت عبارة عن مزيج من موسيقى الروك والجاز والبلوز والألحان الشعبية والمعزوفات الكلاسيكية، كما انه قد ابتكر في معزوفاته الحان موسيقية جديدة مثل أصوات العصافير، أصوات العيارات النارية، خطوات الأقدام، اصوات السوط، عربات الأطفال، اصوات الحيوانات واصوات الصفير البشرية.

عمل موريكيوني مع المخرج سيرجيو ليوني في أنتاج ثلاثيته الشهيرة في الستينيات (Man with no name) والتي جعلت من موريكيوني والممثل كلينت إيستوود نجوماً كبار. في الحانه لأفلام ( A Fistful of Dollars, For a Few Dollars More, and The Good, the Bad, and the Ugly,) عكس موريكيوني كل أشكال العنف والسخرية الكوميدية التي اتسمت بها أفلام الويسترن والتي كان بطلها إيستوود.

أفلام الويسترن قد صنعت من موريكيوني نجماً لامعاً في سماء الملحنين الموسيقيين. أعماله مع مخرجين كبار أمثال فرانكو زيفيريلي، فريدريكو فيلليني، رومان بولانسكي ورونالد جوفي قد جعلته منافساً لجون ويليامز، وهو الذي يعد من أشهر الملحنين الذين هيمنوا على موسيقى الأفلام في الثمانينيات حيث بقيت الحانه خالدة في الأذهان، كموسيقى أفلام ( Jaws, Close Encounters of the Third Kind, and Star Wars)

موريكيوني الذي ولد في روما سنة ١٩٢٨، كان قد بدأ تأليف الموسيقى في عمر السادسة. وكان قد حصل على شهادة الدبلوما في التأليف الموسيقى والعزف على آلة الترومبيت ومخرج لموسيقى الكورال من معهد سانتا سيسيليا في روما. كما انه عزف على آلة الترومبون طويلاً مع مجموعة موسيقية شعبية تدعى نوفا كونزونانزا Nuova Consonanza.

أول فلم كامل قام بتلحينه هو فلم (The facist 1961) ، إلّا أن شهرته لم تبلغ أشُدّها إلّا في منتصف الستينات مع المخرج سيرجيو ليوني في ثلاثية (Man with no name) وفيلم (Once upon a time in the west) والذي يُعتبر أشهر أعماله الموسيقية.

يَصف موريكيوني موسيقاه غالباً بأنها تعبّر عن الألم الكامن داخل الشخصية، وفي حديثه مع الصحفي كينيدي يقول موريكيوني “أن أصوات الصفارات والأجراس والأسواط الموجودة في ثلاثية رجل بلا أسم كانت مهمة لأنها عبّرت عن الطابع المراوغ الذي اتسمت به شخصية إيستوود، أنا أفعل ما أراه صحيحاً، الملحّن لديه الحق في أختراع أو أخذ مايراه مناسباً من الموسيقى الموجودة في الحياة ليضمّنها خلال أفلامه.”

دخول موريكيوني في العقد الثامن من عمره، جعله يقلل من نشاطه الموسيقي لكنه ضل نشطاً على جانبي المحيط الأطلسي حتى أواخر التسعينات وبدايات الألفينات. نشاطه هذا اتضح من تعاونه مع المخرج والممثل وُورِن بيتي، كما تعاون مع المخرج الأيطالي جوزيبي تورناتوري في انتاج موسيقى افلامه ( Cinema paradiso, The legend of 1900) والأخير يُعد واحداً من أجمل أعماله.

موريكيوني تعاون مجدداً مع تورناتوري في سنة ٢٠٠٠ لأنتاج فيلم (Malena) والذي حصل من خلاله موريكيوني على ترشيحه الأوسكاري الخامس، حيث سبق وتم ترشيحه اربع مرات في أفلام:
Days of Heaven (1978), The Mission (1986), The Untouchables (1987), and Bugsy (1991).

موريكيوني قد تم ترشيحه هذه السنة لجائزة أوسكار أفضل موسيقى نتيجة تعاونه مع المخرج كوينتن تارنتينو في فيلم The hateful Eight. حيث قد تلقّى هذا الخبر وهو يستعد للتمرين لحفلهِ الأخير. يقول موريكيوني ” كنت واقفاً أمام فرقة اوركسترا كبيرة، تتضمن ٩٠ موسيقياً وجوقة من ٩٠ رجلاً، وفجأة اصبح الجميع يصفّق بحفاوة كبيرة، انه لشعور رائع، لم أكن اتوقع انني سوف اترشح ثانية.”

في عام ٢٠٠٧، تلقّى موريكيوني جائزة الأوسكار الفخرية نتيجة مساهماته العظيمة في الصناعة الموسيقية في الأفلام، لكنها تبدو مكافأة ضئيلة بالنسبة لحجم أعماله وتأثيره الكبير في هذا المجال. ربما رفْض موريكيوني للعمل المستمر في هوليوود قد جعل من مسؤولي الأوسكار يغضّوا البصر عنه. حيث انه يقضي جميع وقته في روما، كما انه لايتحدث الأنجليزية، كما انه قد رفض في أحدى المرات عرضاً للحصول على شقة مجانية في هوليوود. يقول موريكيوني ” انني بطبيعة الحال سوف أكون سعيداً لو حصلت على الأوسكار، لكنها ليست هدفي الرئيسي، مايثير قلقي الأن هو الحفل الموسيقي هذه الليلة، وأنا أريد القيام بأفضل ما لدي، قلقي تجاه الحفل فقط وليس تجاه جائزة الأوسكار.”

موريكيوني الذي يستيقظ في الخامسة صباحاً كل يوم، ويقفل الغرفة على نفسه لكي يصبح في معزل عن الضوضاء. يسأله الصحفي كينيدي حول فيما أذا كان يشعر بالقلق والضجر من عمله على تأليف الموسيقى لفيلم تلو الآخر فيجيبه موريكيوني ” أنا لا أتعب أبداً من تأليف وكتابة الموسيقى، انه العمل الوحيد الذي أجيد القيام به.”

 

المصادر: هنا و هنا و هنا

عن Ahmed Alwaeli

Designer, Translator..

شاهد أيضاً

كيف أصبحت الحياة كلها تنافسًا شديدًا ودائمًا؟

من مجلة (ذي أتلانتك) تنشر في عدد أيلول/سبتمبر 2019 ترجمة: ابراهيم العيسى تدقيق: عمر اكرم …

هل التحدث مع النساء الجميلات يجعل الرجال أغبياء؟

كيف يتأثر الذكاء عند التحدث وجهاً لوجه مع شريك محتمل؟ بقلم البروفيسور مادلين أي. فيوجر …