الرئيسية / سياسة / إعترافات أحد جواسيس داعش – الجزء الأول

إعترافات أحد جواسيس داعش – الجزء الأول

بعد أن إنضم للتنظيم الذي أعلن نفسه كدولة إسلامية، ودرب جهاديين في صنف المشاة، وجنّد بعض العملاء الأجانب ـ بما فيهم إثنين من الفرنسيين، يقول أبو خالد بأنه مستعد للحديث الآن.

مع كل الإهتمام الذي يحيط بتنظيم داعش، يبقى ما هو معروف عن هيكليته الداخلية قليلاً نسبياً. لكن رجلاً يزعم بأنه قد كان عضواً فيما يعرف بإسم “خدمات أمن الدولة الإسلامية” قد تقدم ليعطينا فكرة عن ذلك المشهد الداخلي. تستند هذه السلسلة على معلومات جُمعت على مدى أيامِ من المقابلات مع جاسوس داعش هذا.

الجزء الأول: موعد في إسطنبول

إسطنبول ـ إستغرق الأمر بعض محاولات الإقناع، لكن الرجل الذي سندعوه أبو خالد جاء أخيرا ليروي قصته. أسابيع من النقاش عبر موقعي سكايب والواتس آب كونت لدي ما يكفي من المعلومات عن سيرته الذاتية منذ أول مرة تقابلنا فيها في الأيام الأولى المليئة بالأمل من الثورة السورية. وقد كان، ومنذ إنضمامه لصفوف ما يُسمى بالدولة الإسلامية وخدمته في فرع “أمن الدولة”، يعمل على تدريب جهاديين في صنف المشاة ويجند نشطاء أجانب. الآن، يقول بأنه قد ترك تنظيم داعش كشخصٍ مارق، الأمر الذي جعله شخصاً مطلوباً. لكنه لم يكن يرغب في ترك سوريا، ولم تكن صحيفة الديلي بيست لترسلني إلى هناك، إلى العاصمة العالمية للإختطاف وقطع الرؤوس. كنت قد إلتقيت به في كثيرٍ من الأحيان في مناطق الصراع في سوريا في السابق، قبيل صعود داعش، وبشكلٍ كافٍ لأعتقد بأنه في الإمكان أن أثق فيه. ولكن ليس كثيراً. “أنت محظوظ لأن الأميركيين لا يدفعون الفدية،” قال لي، بعد أن بدأ كلانا بالإرتياح لبعضنا البعض، لتأتي مسألة إحتجاز داعش للرهائن بشكلٍ لا فرار منه. ومن ثم قال بأنه كان يمزح.

كنت أعرف من خلال مقامراتنا الرقمية ـ إذا ما كان يقول الحقيقة ـ بأنه يمتلك معلومات دقيقة وإستثنائية عن الطريقة التي يعمل بها تنظيم داعش: من هو المسؤول الحقيقي، وكيف يأتون ويذهبون، وما هي الإنقسامات الموجودة في صفوف مقاتليه وبين السكان. قال أبو خالد بأنه قد شهد عن كثب الكثير من الغطرسة الإستعمارية للنخبة من قيادات داعش الأجنبية، العراقية وغيرها، والتي إحتلت مساحاتٍ شاسعة من وطنه سوريا. وقد كان في وضع يسمح له بشرح تفاهة بيروقراطية الدولة المفترضة، والوحشية الإستثنائية للأجهزة الأمنية المتعددة التي أنشأتها داعش لمراقبة الناس، ومراقبة عناصرها لبعضهم البعض. كما كان بإمكانه أن يخبرني أيضاً عن سبب بقاء هذا العدد الكبير من العناصر مخلصين لتلك العقيدة الشمولية، والتي بدل أن تخجل من الفظائع وأعمال العنف المتطرفة التي تقترفها، تقوم بتمجيدها.

48254549.cached

عمل أبو خالد مع المئات من المجندين الأجانب تحت لواء داعش، وقد سافر البعض منهم بالفعل عائدين إلى بلدانهم الأصلية كجزء من الجهود التي تبذلها الجماعة لزرع عملاء سريين بين صفوف أعدائها.

لكن أبو خالد لم يرغب في ترك زوجته والشقة التي حصل عليها مؤخراً في ضواحي مدينة حلب المحاصرة. ولم يرغب في أن يخاطر بالقيام بهذه الرحلة الطويلة إلى إسطنبول، هذه المدينة التركية الساحلية. وقال بأنه، ومنذ إنشقاقه عن داعش، إنشغل في بناء كتيبته الخاصة المؤلفة من 78 رجلاً، ليحارب رفاقه السابقين من الجهاديين.

كل هذا مثيرٌ للإهتمام، أجبته، ولكن يتوجب علينا أن نلتقي وجهاً لوجه، حتى لو كان ذلك يعني بأن كلاّ منا سيتخذ قراراً بمواجهة مخاطر محسوبة.

كان أسوأ تفجير إرهابي في تاريخ تركيا الحديث قد تم تنفيذه مؤخراً من قبل نشطاء داعش في شوارع أنقرة، الأمر الذي أسفر عن مقتل أكثر من 100 شخص في البلد الذي هو عضو في حلف شمال الأطلسي، ليعزز بذلك مرة أخرى واحدة من الأوهام الأيديولوجية الأساسية للخلافة الوهمية: وهي أن الحدود أصبحت من الماضي، وأن تنظيم داعش يستطيع الوصول إليك في أيّ مكان، وهو ما يرغب في أن يعرفه الجميع. كانت هنالك إمكانية ما في أن يكون أبو خالد لا يزال جاسوساً لداعش، وأن ذلك كان جزءاً من عملية إحتجاز رهائن جدد.

48254547.cached

لقد كانت المخاطر بالنسبة لأبو خالد، على إفتراض أنه كان يقول الحقيقة لي، أكبر بكثير. فقد تتبّعه عناصر داعش على طول الطريق إلى “أرض الكفر” لتتعامل معه هناك. في الواقع، لقد قامت داعش بذلك فعلاً مع إثنين من النشطاء السوريين من مدينة الرقة، والذين تم قطع رأسيهما في مدينة شانلي أورفه التركية في نهاية تشرين الأول ـ أكتوبر. كما كان هنالك عملاء ممّن دربهم أبو خالد بنفسه وقد غادروا سوريا والعراق للعمل “خلف صفوف العدو.”

أخبرني أبو خالد، “عندما تكون في الخدمة السرية، كل شيء يكون مسيطراً عليه، ولا يمكنك حتى التفكير في ترك أراضي الدولة الإسلامية.” سيكون الأمر صعباً بالنسبة له بشكلِ خاص لأن جميع الحدود مُسيطر عليها من قبل جهاز أمن الدولة الذي خدم فيه. “لقد قمت بتدريب أولئك الرجال! ومعظمهم يعرفني!” أضاف قائلاً.

“لا أستطيع الذهاب مايك!” قال لي أكثر من مرة بينما كنا نتحدث طوال ساعات، وعلى بعد مسافاتٍ طويلة. “أنا كافرٌ الآن” كافر وغير مؤمن من وجهة نظر الخلافة. “لقد كنت مسلماً وأنا الآن كافر، ولا يمكنك العودة من جديد، من مسلم إلى كافر، ومن ثم إلى الإسلام مرة أخرى.” الثمن الذي تدفعه لقاء ذلك هو الموت.

نظراً للظروف، بدا من الممكن، بل ومن الأفضل، أن يترك سوريا من أجل مصلحته، ويجلب زوجته إلى إسطنبول، حتى يتمكنوا من شق طريقهم إلى أوروبا في نهاية المطاف. لكنه رفض حتى مجرد النظر في شئٍ من هذا القبيل. وأخبرني أبو خالد بأنه مستعدٌ للموت في سوريا. وقال لي، “عليك أن تموت في مكانٍ ما. الناس الذين يموتون في بيوتهم أكثر من أولئك الذين يموتون في الحروب. ماذا لو أن شيئاً من هذا القبيل قد حصل في بلدكم؟ هل أنت على إستعداد للموت من أجل بلادك، والجيل القادم، أم إنك ستهرب؟”

كل ذلك بدا مُقنعاً، ولكن ومن أجل أن أحصل على ما يعرفه أبو خالد بقدرِ من الثقة، توجب علي أن أمتلك الفرصة لإستجوابه مراراً وتكراراً. وكان عليه أن يتعرض للمساءلة عن أيّة تناقضات في روايته. وكان من الواجب علي أن أعرف لغة الجسد الخاصة به، وإنفعالاته، وكلماته. ولا يمكن القيام بذلك إلا من خلال مقابلة شخصية.

رضخ أبو خالد في نهاية المطاف. وإقترض مبلغ 1000 دولار أميركي للبدء بالرحلة الطويلة التي سيقطع فيها مسافة 750 ميل بالسيارات والحافلات من حلب إلى إسطنبول، ومن ثم العودة إلى حلب مرة أخرى. إلتقينا في نهاية شهر تشرين الأول ـ أكتوبر. وهكذا وعلى مدى ثلاث أيام بطولها، إلتقيت بأبو خالد في المقاهي والمطاعم، وشوارع المدينة العالمية، على الخط الفاصل بين أوروبا والشرق الأوسط، راقبت أبو خالد من خلال ضباب دخانه بينما كان يشعل السيجارة تلو الأخرى، ويرتشف قهوته التركية المرة، وينظر إلي محدقاً في عيني. وغنى أبو خالد.

قال في مستهلّ حديثنا، “حسنٌ، طوال حياتي، كنت مسلماً، ولكن لم يكن لي شأنٌ بالشريعة ولم أكن متديناً جداً. ويوماً ما نظرت في المرآة إلى وجهي. كانت لي لحية طويلة. لم أستطع التعرف إلى نفسي. كنت مثل فرقة بينك فلويد. هنالك شخصٌ ما في رأسي ولكنه لم يكن أنا.”

لا يمتلك الكثير من الجهاديين المتعافين الكلمة المناسبة لإستدعاء “تلف الدماغ”. لكن أبو خالد لم يكن شاباً طائشاً متعصباً حريصاً على الإستشهاد، فهو مواطن سوري في منتصف العمر، تلقى تعليماً جيداً ويتقن أكثر من لغة، وهي المواهب ـ بما في ذلك تدريبه العسكري السابق ـ التي وجدتها قيادة داعش مفيدة.

في رواية “المال”، يصف مارتن أميس وجه أحد الشخصيات بأن له “علامات إهمال وإرهاق، التبقعات والظلال التي ستحصل عليها لو تم شنقك في القرن العشرين.” تخلص وجه أبو خالد الآن من اللحية الطويلة التي أطلقها سابقاً، وكان يحمل كل علامات شخصٍ قد تم تعليقه لفترة طويلة في القرن الحادي والعشرين. لقد بدا شاحباً ومهزوماً.

وعلى غرار العديد من أبناء وطنه، أمضى أبو خالد جزءاً كبيراً من فترة الحرب المندلعة منذ نصف عقدٍ من الزمن مستقراً في جنوب تركيا. وقال بأنه إنضم إلى داعش في التاسع عشر من تشرين الأول ـ أكتوبر من عام 2014، أي بعد مرور شهرٍ واحد تقريباً من توسيع تحالف عملية العزيمة الأصلية الذي تقوده الولايات المتحدة الأميركية لحملة القصف الجوي على الرقة، المحافظة الشرقية التي يتخذ تنظيم داعش منها “عاصمة” له.

vARewN9

شعر أبو خالد بأنه مضطر للإنضمام إلى داعش لأنه يعتقد بأن أميركا شريكة في مؤامرة عالمية، تقودها إيران وروسيا، لإبقاء الطاغية بشار الأسد في السلطة. كيف يمكن تفسير قيام الولايات المتحدة بشن حرب ضد السُنة فقط، وترك النظام الذي يديره العلويون والمتهم بإرتكاب جرائم قتل جماعية بشتى الوسائل تقريباً، وجيوشه الشيعية الإيرانية من دون مساس؟

كما بدا أبو خالد فضولياً أيضاً، حيث قال، “لقد كان ذهابي إلى هناك عملياً بمثابة مغامرة. لقد وددت في أن أرى أي نوعٍ من الناس يتواجد هنالك. بصراحة، أنا لستُ نادماً على ذلك. لقد رغبت في التعرف عليهم. والآن هم أعدائي، وأنا أعرفهم جيداً.”

كانت إجراءات إنضمامه إلى صفوف داعش منظمة بدقّة. فقد إقترب من نقطة تفتيش في بلدة تل أبيض على الحدود التركية ـ السورية عندما كانت تلك البلدة في أيدي تنظيم داعش. “سألوني، إلى أين تريد الذهاب؟” فقلت: إلى الرقة، فسألوني: لماذا؟ فأخبرتهم بأنني أريد الإنضمام إلى صفوف داعش. فقاموا بتفتيش أمتعتي.”

وما أن وصل إلى الرقة، حتى توجب عليه التوجه إلى “سفارة حمص”، وهو إسم المبنى الإداري لتنظيم داعش الذي يتوجب على جميع السوريين التقديم من خلاله. قضى أبو خالد يومين هناك، ومن ثم تم نقله إلى ما كان يطلق عليه “قسم إدارة الحدود”. كل هذا في بلده، الذي أبلغه تنظيم داعش بأنه لم يعد قائماً.

“لقد إعتبروني مهاجراً لأنني كنت أعيش خارج أراضي الخلافة.” ولذلك، كان على أبو خالد أن “يتجنس” أولاً، من خلال إجتياز مقابلة المواطنة التي أجراها معه شخصٌ عراقي يُدعى أبو جابر.

“لماذا تريد أن تصبح مجاهداً؟” تم سؤاله. فقال شيئاً بطريقة لا مبالية يتعلق بمحاربة الصليبيين الكفار، كما يتذكر. وعلى ما يبدو فإنه عبر أختبار أبو جابر.

48254546.cached

كانت المرحلة التالية هي التلقين: “لقد ذهبت إلى المحكمة الشرعية لمدة إسبوعين. حيث يتوجب عليك أن تأخذ بعض الدروس. وهناك يعلمونك كيف تكره الناس،” قال أبو خالد ضاحكاً. لقد تم تدريسه نسخة تنظيم داعش عن الإسلام، وبأن غير المسلمين يجب أن يتم قتلهم لأنهم أعداء للمجتمع الإسلامي. “إنها عملية غسيل دماغ،” أضاف قائلاً.

كان رجال الدين المسؤولين عن ذلك التلقين مجرد مراهقين لا يعرفون شيئاً قدموا من دولٍ أجنبية. “أتذكر وجود شخصٍ ما من ليبيا، ربما كان في منتصف العشرينيات من عمره.” أيّ نوعٍ من السلطة الإسلامية يُمكن لشخصٍ شابٍ مثله أن يمتلكها، تساءل أبو خالد، ومن ثم أين إختفى جميع السوريين؟

***

في الأسابيع الأولى له مع داعش، إلتقى أبو خالد بمقاتلين من ألمانيا، وهولندا، وفرنسا، وفنزويلا، وترينيداد، والولايات المتحدة، وروسيا، وجميعهم وصلوا حديثا من أجل “البقاء والتمدد”، كما يقول شعار داعش، وليكونوا القيمين على الإيمان الحقيقي الوحيد.

وكما هو متوقع، فإن الملتحقين الجدد بهذا التنظيم الجهادي العالمي لا يتخاطبون بالعربية، لذلك فإن متطوعين متعددي اللغات، مثل أبو خالد، يكونون ذوو قيمة بالغة. يجيد أبو خالد اللغات العربية، والإنجليزية، والفرنسية بطلاقة، وبالتالي تم الإحتفاظ به فوراً كمترجم. قال أبو خالد، “لقد كانت لدي مجموعتان. المجموعة الفرنسية على اليسار، حيث كنت أترجم من العربية إلى الفرنسية، ومجموعة الأميركيين إلى اليمين، حيث كنت أترجم من اللغة العربية إلى الإنجليزية.”

وكجزء من الدعاية الإعلامية لتنظيم داعش، فإن التنظيم كان يحرص على إظهار المهاجرين، أو المقاتلين الأجانب، وهم يقدمون على إحراق جوازات سفرهم في طقوس تهدف لإثبات أنه لا عودة إلى الوراء. وسواء أكانوا من بروج الهولندية أو باتون روج الأميركية، فقد تخلى أولئك المقاتلون جميعاً عن جنسيتهم في دار الحرب، أرض الحرب والفساد والإلحاد، ليصبحوا من سكان دار السلام، أرض الإيمان والسلام (ما أن ينتهوا من الحروب). ولكن كل ذلك كان غالباً لمجرد العرض. في السابق، قام معظم الوافدين الجدد بالإحتفاظ بجوازاتهم أو تسليمها. “لمن؟”، “للموارد البشرية،” أجاب أبو خالد.

إلا إن سياسة شؤون الموظفين المرتخية نسبياً تغيرت في الأيام الأخيرة. حيث إزداد تنظيم داعش تقييداً وهيمنة ما أن بدأ بخسارة المعارك، وبعضها بتكلفة هائلة.

48254547.cached (1)

فقبل المعركة في مدينة كوباني الكردية في العام الماضي، كانت الخلافة محاطة بهالة كونها لا تقهر، وسارع العديد من الناس من جميع أنحاء العالم لتغليف أنفسهم بالرايات السوداء لإنتصار المخلص. لكن وفي تلك المعركة، التي إستمرت لعدة أشهر، قاتلت الجماعات الكردية المدعومة بسلاح الجو الأميركي بشكلٍ جيد، بينما أرسل تنظيم داعش ـ على الأقل كما يقدر ذلك أبو خالد ـ الآلاف ليلقوا حتفهم، من دون أي تدبر تكتيكي أو إستراتيجي. وبهذا خسر الجيش الجهادي ما بين 4000 إلى 5000 مقاتل، معظمهم من غير السوريين.

قال أبو خالد، “ضعف هذا العدد من المقاتلين قد أصيب بجروحٍ بالغة لن تمكنهم من القتال بعد الآن. لقد فقدوا ساقاً أو يداً.” فسألته، “مهاجرين؟” فأومأ برأسه بالإيجاب، وقال، وقد تم الإحتفاظ بهم كوقود للمدافع. في أيلول ـ سبتمبر من العام الماضي، وفي أوجّ تجنيد الأجانب في تنظيم داعش، قال أبو خالد بأن تدفق الأجانب كان قد أثار دهشة حتى أولئك المرحبين بهم. “لقد كان لدينا ما يقرب من 3000 مقاتل أجنبي يأتون كل يوم للإنضمام إلى صفوف داعش. أنا أعني ذلك، كل يوم. والآن ليس لدينا حتى 50 أو 60 منهم.”

لقد قاد هذا النقص المفاجئ القيادة العليا في تنظيم داعش لإعادة التفكير المتأني في الكيفية التي يُمكن من خلالها للسكان خارج العراق وسوريا خدمة الهدف بشكلٍ أفضل. قال أبو خالد، “الشيء الأهم يكمن في محاولتهم خلق خلايا نائمة في جميع أنحاء العالم.” فقد طلبت قيادة داعش من الناس “البقاء في بلدانهم والقتال هناك، بقتل المواطنين، ونسف المباني، والقيام بكل ما يُمكنهم القيام به. وليس عليكم المجئ إلى هناك.”

وقد غادر بعض الجهاديين ممن كانوا تحت وصاية أبو خالد الدولة فعلاً، على حد تعبيره، وعادوا إلى بلدانهم الأصلية. وقد جاء على ذكر مواطنين فرنسيين في أوائل الثلاثينيات من العمر. ما إسمهما؟ فزعم أبو خالد بأنه لا يعلم. قال أبو خالد، “نحن لا نطرح هذا النوع من الأسئلة. جميعنا يحمل كنية “أبو” مضافة إلى أحد الأسماء. ومجرد البدء بطرح أسئلة تتعلق بالتاريخ الشخصي، فإنها بمثابة نقطة الإنذار الحمراء القصوى.”

في أعقاب الهجمات الإرهابية في باريس في 13 تشرين الثاني ـ نوفمبر، والتي وقعت بعد شهرٍ تقريباً من إجتماعنا في تركيا، إتصلت بأبو خالد. ومن مكانه في حلب الآن، أخبرني بأنه يكاد يكون متأكداً تماماً بأن واحداً من أولئك المواطنين الفرنسيين أو كليهما لا بد أن يكون متورطاً بطريقة ما في ذلك الهجوم المنسق، الذي يُعد من أسوأ الفظائع التي طالت فرنسا منذ الحرب العالمية الثانية، والذي أسفر عن مقتل 132 شخصاً على الأقل وأصاب عدداً مماثلاً من الأشخاص بجروحٍ خطيرة. وقال بأنه ينتظر الآن رؤية صورهم الفوتوغرافية التي ستنشرها الصحافة الدولية.

وفي غضون ذلك، تطوّع بالإدلاء بأوصافهم الجسدية. كان الأول من شمال أفريقيا، ربما من المغرب أو الجزائر، وهو رجلٌ أصلع ومتوسط الطول والوزن. فيما كان الآخر فرنسيا قصير القامة، بشعرٍ أشقر، وعيونٍ زرقاء، ومن المُرجح جدا بأنه قد إعتنق الإسلام مؤخراً، وقد كانت له زوجة وإبناً في السابعة من عمره.

بدا وكأن ذلك النوع من المعلومات سيكون مفيداً بالنسبة للجهات الراغبة في مواجهة تنظيم داعش؛ ولذلك سألت أبو خالد قائلاً، “هل قمت بتحذير أحدهم بخصوص هذين الشخصين؟” فأجاب، “نعم،” وترك الأمر عند هذا الحد.

المصدر: هنا

عن

شاهد أيضاً

الجواز الأمريكي لا فائدة منه

يمكنني التنقل حيث شئت بجواز سفري الألماني. ولكن عدد الدول التي تسمح للأمريكيين بالدخول تكاد …

حصرياً: من داخل مخيمات تدريب تابعة لحزب الله لنشر الأخبار الزائفة  

  بقلم: ويل كريسب وسداد الصالحي  بتاريخ: ٢/آب / ٢٠٢٠ ترجمة: رحاب الهلالي تدقيق: ريام …